الوصف
”إن لله عبادا نصبوا أشجار الخطايا نصب روامق القلوب، وسقوها بماء التوبة، فأثمرت ندما وحزنا، فجنوا من غير جنون، وتبلدوا من غير عي ولا بكم، وانهم هم الفصحاء، البلغاء، العارفون بالله وبرسوله وبأمر الله، ثم شربوا بكأس الصفاء، فورثوا الصبر عَلَى طول البلاء، حتى تولهت قلوبهم في الملكوت، وجالت افكارهم بين سرايا حجب الجبروت، واستظلوا تحت رواق الندم، فقرأوا صحيفة الخطايا، فأورثوا أنفسهم الجزع حتى وصلوا علو الزهد بسلم الورع، فاستعذبوا مرارة الترك للدنيا، واستلانوا خشونة المضجع حتى ظفروا بحبل النجاة، وعروة السلامة، وسرحت أرواحهم في العلا، وجعلت قلوبهم في خفية خفيات الهوى حتى أناخوا في رياض النعيم وجنوا من ثمار النسيم ، وخاضوا في بحر النجاة وردموا خنادق الجزع ، وعبروا جسور الهوى حتى نزلوا بفناء العلم ، فاستقوا من غدير الحكمة ، وركبوا بالحياة سفينة الفطنة ، وأقلعوا برياح النجاة في بحر السلامة حتى وصلوا إلى رياض الراحة ، ومعدن العز والكرامة”