الوصف
“على السَّفُّود، كتاب نقدي يجسدُ واحدةً من أشهر المعارك الأدبية التي دارت بين الرافعي والعقاد.
كُتِبَ الكتاب في فترةٍ اتسمت باحتدام الصراعات الفكرية والأدبية؛ والتي أدَّت بدورها إلى إثراء الحياة الفكرية والثقافية في مصر والعالم العربي، وقد أشار النقاد إلى الأسباب التي دفعته إلى نشر هذه المقالات؛ ومنها أنه أراد أن يحرر النقد من طَوْقِ عبودية الأشخاص، وقد رمى الرافعي من خلال هذه المقالات إلى الثأر لشخصه، ولكتابه إعجاز القرآن والبلاغة النبوية الذي رماه فيه العقاد بسهم الانتحال من كتاب سعد زغلول، وقد تباينت آراء النقاد حول الحكم على الأسلوب الذي انتهجه الرافعي في كتابة هذه المقالات؛ فمنهم مَنْ استهجن هذا الأسلوب ومنهم من استحسنه، واعتبره ضربًا من ضروب الإصابة في القول، وقد وفق الكاتب في استخدامه للفظ السفود؛ للإشارة إلى ما تضمنته هذه المقالات من نقدٍ مؤلمٍ لاذع.[1]
لم يكن الرافعيُّ شهابًا لاحَ في سماء الأدب لم يلبَث أن مضى وتَلاشى، بل كان كوكبًا مُتلألئًا مُضيئًا، لم يبرَح كبدَ السماء، ولم تَزده الأيامُ إلا ألَقًا وبَريقًا. ولا غَرْوَ فقد تملَّك الرافعيُّ ناصيةَ البيان، وتربَّع على عَرش الأدب، وأُوتيَ من جمال التعبير وحُسن الديباجَة ما يأخُذُ بعقول قارئيه، صادرًا في ذلك كلِّه عن ثقافة إسلاميَّة أصيلَة، ومعرفة لغويَّة عميقة، وإحاطة بالتُّراث العربيِّ واستظهار له، مع نظرة فلسفيَّة متأمِّلة، وزاد معرفيٍّ جبَّار، حتى لتَخالُه قد قُدَّ عودُه من العربيَّة بعبقريتها وروعَتها وجَلالها، ولقد صدقَت فيه نُبوءَةُ الزعيم المصري الكبير مصطفى كامل، فيما كتب إليه مقرِّظًا ديوانه: «سيأتي يومٌ إذا ذُكرَ فيه الرافعيُّ قال الناسُ: هو الحكمةُ العاليةُ مَصوغَةً في أجملِ قالَبٍ من البيان».
تقلَّب الرافعيُّ في عصرٍ فيه كلُّ ألوان الطَّيف، تراه زاهرًا في جوانبَ منه، مُضطَربًا مُتقَلقلاً في جوانبَ أخرى، ومن مظاهر ذلك الاضطراب: كثرةُ الصراعات الفكريَّة والأدبيَّة، وهو مظهَرٌ فيه ما لهُ وفيه ما عليه، ولعلَّ من أهمِّ ما يُحسَبُ له ما تمخَّضَت عنه تلكَ المعاركُ من نتاج فكريٍّ وثقافيٍّ وأدبيٍّ، أغنى الحياةَ الثقافيَّةَ في مصرَ والعالم العربيِّ، وما زالت آثارُه بيِّنةً جليَّةً في ثقافة أُدَبائنا وفكر مفكِّرينا في أيامنا هذه.
وقد عاشَ الرافعيُّ عصرَه كما هو، راكبًا فيه الصَّعبَ والذَّلول، لابسًا لكلِّ موقفٍ لَبوسَه، فارسًا من فُرسان المَيدان غيرَ مُدافَع. ومن أشهر معاركه الأدبيَّة وصراعاته الفكريَّة التي حَميَ فيها الوَطيسُ واشتَدَّ الأُوار، ما كان بينه وبينَ الأديب الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد، فقد كتب الرافعيُّ في نقده مجموعةَ مقالات دامغة بعنوان: «على السَّفُّود»، أصلاه بها نارًا حامية” ويكيبيبديا+ مؤسسة هنداوي